"اغتربنا دون أن نسافر... جلسنا وحدنا رغم كثرة المحيطين" آهات يطلقها الأبناء نتيجة خطأ فات أوان سؤال من الذي ارتكبه أدى لتفكك الأسرة مففكة، كل شخص فيها له عالمه الخاص، أسرة الشئ الوحيد الذي يجمع بين أفرادها هو اسم في شهادة الميلاد، فأصبح كل أخ غريب عن أخيه، وكل أب غريب عن أبنائه.
أوضح الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن اغتراب الأبناء عن آبائهم له شقين رئيسين، الأول يتمثل في شعور الأبناء بالغربة عن والديهم على الرغم من التواجد معهم في نفس المكان، ويعرف ذلك تحت مسمى الـ "اغتراب مع التواجد"، ويعاني منه المراهق عند عمر الـ 15_ 16 سنة، حيث تتلخص حياته في تلك الفترة في الأصدقاء، والرغبة في الخروج والتحدث معهم مقارنة بالأهل، ويقتصر دور الأهل على كونهم أصحاب المنزل الذي يمكثون فيه.
وأشار فرويز إلى أن الشق الثاني من الإغتراب يتمثل في هجرة الأبناء إلى دولة أخرى بعيدا عن أهلهم دون أن يأخدوا في اعتبارهم مدى حاجة الأهل اليهم، حيث يغلب الأبناء في تلك الحالة مصلحتهم على مصلحة والديهم.
وأكد فرويز أن هذا الأمر يرتبط في جزء كبير منه بخصائص المرحلة العمرية للمراهقين، حيث نجدهم يمليون إلى النفور من الأهل، والرغبة في الحصول على الاستقلالية، والخروج من عباءة الأهل، أملا في أن يساعدهم ذلك على إيجاد عالمهم الخاص بهم .
وقال فرويز إنه إذا كان اغتراب الأبناء مقترنا بعدم وجود أصدقاء للمراهق، فإن ذلك يعد مؤشرا على معاناته من اضطراب في الشخصية، لذا لابد من عرضه على طبيب نفسي لمتابعة حالته، لأن هذا الاضطراب يجعله يعيش في حالة من الاكتئاب، يقل تحصيله الدراسي ويبعد عن التفاعل الاجتماعي مع الآخرين، مؤكدا على أن الحل يتمثل في إتاحة الفرصة للمراهق للاستمتاع بحياته الخاصة بالطريقة التي يريدها، مع حرص الوالدين على أن يكونوا الصديق الاقرب لأبنائهم.
وأوضحت الدكتور هناء أبو شهبة، أستاذ علم النفس الإكلينيكي وعميد كلية الدراسات الانسانية سابقا، أن الاغتراب بمعناه الحقيقي ينشأ نتيجة الانتقال من بيئة إلى بيئة أخرى، فينتاب المرء شعور بالكآبة، والاحساس بالضياع، والاشتياق إلى الأسرة والمنزل، مشيرة إلى أن هذه البيئة الجديدة قد تحتوي على أشياء غريبة لم يعتادوا عليها سابقا مثل الضوضاء والتقدم التكنولوجي.
وأضافت أبو شهبة أن الأبناء قد يتولد لديهم نوع من الاغتراب تجاه آبائهم نتيجة التصادم بين جيل الآبناء والأباء، وعدم القدرة على تحقيق التوافق بينهما، فالآباء يريدون من أبنائهم أن يكونوا نسخة طبق الأصل منهم، وهو الأمر الذي يرفضه الأبناء وبشدة، ويكون الاغتراب في تلك الحالة مشابها للاكتئاب.
وأكدت أبو شهبة على ضرورة إدراك الآباء لخصائص مرحلة المراهقة، والعمل على احتوائها لكى لا ينتج ما لا تحمد عقباه، ومن ضمن هذه الخصائص التمرد على السلطة الوالدية، الاحساس المرهف، الانفعالية الزائدة، الدموع لأتفه الأسباب، عدم الرغبة في التعرض للنقد