أمام محكمة خاصة نص عليها دستور 1971، وأن محاكم الجنايات غير مختصة ولائيا بمحاكمة رئيس الجمهورية.
وأجلت المحكمة القضية إلى جلسة الاثنين وذلك لاستكمال المرافعة عن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى وبقية المتهمين في القضية.
وطالب
فريد الديب ببراءة المتهمين من كافة الاتهامات المنسوبة إليهم سواء
المتعلقة بقتل المتظاهرين السلميين إبان أحداث الثورة أو الاتهامات
المتعلقة باستخدام النفوذ الرئاسي والرشوة والتربح وإهدار المال العام في
سابقة التصدير الغاز المصري لإسرائيل، كما دفع ببطلان أمر الإحالة الصادر
من النيابة العامة.
وقال الديب إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة ما
كان له أن يعطل العمل بأحكام دستور 71، موضحا أن حل مجلس الشعب قرار لا
يملكه إلا رئيس الجمهورية طبقا لأحكام الدستور.
وأوضح الديب أن
تعطيل العمل بالدستور معاقب عليه طبقا لقانون العقوبات، واعتبر الديب أن
الاختصاص في نظر هذه القضية لا ينعقد لمحكمة الجنايات وإنما يكون للمحكمة
الخاصة التي نص عليها الدستور والتي تتشكل من 12 عضوا نصفهم من أعضاء مجلس
الشعب يتم اختيارهم بالقرعة، فيما بينهم و 6 آخرين من مستشاري محكمة النقض
والاستئناف، ويرأس المحكمة أقدم المستشارين، وتنعقد جلساتها في دار القضاء
العالي، ويباشر الاتهام أمام المحكمة النائب العام.
وأضاف أن النص
الدستوري واضح وصريح في هذا الإطار بأن رئيس الجمهورية لا تجوز محاكمته إلا
أمام محكمة خاصة، وإنه طبقا للدستور فإن حسنى مبارك ما زال رئيسا
للجمهورية حتى يومنا هذا.
واعتبر الديب أن المادة 83 من الدستور تنص
على أنه إذا قدم رئيس الجمهورية استقالته من منصبه وجه كتابا بالاستقالة
إلى مجلس الشعب وأن مؤدى ذلك أن استقالة رئيس الجمهورية كانت يجب أن تكون
مكتوبة، وأن توجه إلى مجلس الشعب حتي تكون دستورية، وهو ما يعني أن
الاستقالة التي أعلنت بالفعل غير دستورية.
ونقل فريد الديب عن نص
خطاب التنحى الذي ألقاه نائب رئيس الجمهورية السابق عمر سليمان في 11
فبراير الماضى ''استجابة لمطالب الشعب أبلغنى الرئيس رغبته في التنحي
وأبلغني .......'' إلا أن عددا من المحامين عن المدعين بالحق المدني قاطعوه
واتهموه ـ فريد الديب ـ بالتغيير في نص خطاب التنحي الذي أذاعه التلفزيون
المصرى، مشيرين إلى أن هذا لم يكن نص خطاب التنحي وطالبوا الديب
بالتزامالدقة فيما يقول.
وتساءل الديب في مرافعته هل يترك رئيس
الجمهورية منصبه بهذه الكيفية على الرغم من وجود نصوص واضحة للدستور وكان
مجلس الشعب قائما في هذا التاريخ؟.
واعتبر أن البيان الذي اصدره عمر
سليمان يعنى أن الرئيس السابق لم يكتب خطاب استقالة من منصبه، وإنما أبلغ
نائبه بهذه الاستقالة وهو ما أكده عمر سليمان في أقواله في التحقيقات،
وأشار إلى أن مبارك توجه لشرم الشيخ وأنه قرأ علي سليمان بيان التخلي
تليفونيا فوافق عليه وتم إذاعته في التلفزيون.
واستطرد الديب قائلا:
''اعرف أن هذا الكلام صادم ولكن هذا يناقض الدستور''، وفي نفس البيان وفقا
للديب: ''كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد''، معتبرا
أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة اضطلاعا بتكليفه إدارة شئون البلاد من
جانب رئيس الجمهورية انتهى إلى عدة قرارات أهمها تعطيل العمل بالدستور.
وإعتبر فريد الديب أنه ما كان للمجلس الأعلى أن يقدم على ذلك، وأن تعطيل العمل بالدستور غير جائز ومعاقب عليه.
واستعرض
فريد الديب المحامي عن مبارك عددا من نصوص القوانين وأحكام محكمة النقض في
معرض تأكيده على أن محاكمة مبارك أمام محكمة الجنايات هى غير جائزة قانونا
وتتناقض وأحكام الدستور.
وشدد على أن الدستور هو القانون الأسمى
والأعلى وبالتالي فإن على ما دونه من تشريعات النزول على أحكامه، مشيرا إلى
أن دستور عام 71 نص صراحة على أن اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو
بارتكاب جرائم جنائية يكون بناء على اقتراح صادر من ثلث أعضاء مجلس الشعب
ولا يصدر قرار الاتهام إلا بناء على موافقة الثلثين من أعضاء المجلس فيما
تؤول السلطة في هذه الحالة إلى نائب رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء لحين
الفصل في الاتهام أمام المحكمة الخاصة التي نظم القانون تشكيلها واجراءات
المحاكمة أمامها في ضوء ما أقره الدستور وأنه إذا ما أدين رئيس الجمهورية
أمام هذه المحكمة الخاصة يتم إعفاؤه من منصبه دون اخلال بالعقوبات الاخرى
المنصوص عليها قانونا.
وأشار الى أن قانون السلطة القضائية نص صراحة
في المادة 15 على أنه فيما عدا المنازعات الإدارية التي تدخل ضمن نطاق
اختصاص أعضاء مجلس الدولة فإن المحاكم تفصل في كافة الجرائم إلا ما استثني
منها بنص خاص، موضحا أنه في إحالة مبارك يكون النص الخاص هو المادة 85 من
الدستور الذي أفرد محكمة خاصة بشأن الاتهامات المتعلقة برئيس الجمهورية.
وأشار
الديب إلى أن الدستور لم يورد نص خاص لمحاكمة الوزراء أمام محكمة خاصة،
وإنما خص تلك المحكمة لرئيس الجمهورية وحده، بحيث تكون محاكمة الوزراء أمام
المحاكم العادية وذلك عن الجرائم التي تقع منهم بسبب وظائفهم، مشيرا إلى
أن هذا الأمر لا يمثل إخلالا بحق النائب العام بالإدعاء ضد الوزير.
وأكد
الديب أنه في 13 يونيو من عام 1956 صدر قانون محاكمة الوزراء ورئيس
الجمهورية ثم صدر في عام 58 قانون اخر في شأن محاكمة الوزراء وحدهم في
الاقليمين المصري والسوري خلال فترة الوحدة بين البلدين'' وأن هذا القانون
معمول به في مصر حتي الان، مشيرا الى ان المادة الثانية من القانون الصادر
سنة 56 اوردت التشكيل الكامل للمحكمة الخاصة التي تحاكم رئيس الجمهورية.
وقال الديب انه في ضوء ما تقدم يصبح مبارك متمتعا بصفته كرئيس للجمهورية حتي الان.
وقد
أثارت عبارة الديب حفيظة المحامين عن المدعين بالحق المدني. واثارت جدلا
واسعا في صفوفهم، حيث قام بعضهم بالاعتراض طالبين من رئيس المحكمة ان يتيح
لهم فرصة الرد على هذه الادعاءات. مشيرين الى ان ما حدث في مصر كان ثورة
شعبية اجبرت مبارك على التنحي وليس الاستقالة.
وانهى الديب مرافعته
بتوجيه كلمتين احداهما للمحكمة معتبرا انه اجتهد في هذه المرافعة وعمل قدر
طاقته وقال ''لعلني أكون أوفيت بالغاية واسهمت كمدافع عن مبارك ونجليه في
جلاء الحقيقة غير عابئ إلا باداء الواجب وغير مصغ الا لصوت الضمير وغير مصغ
لآراء زملائي الذين لا يعلمون.
واستطرد الديب ''أقول للمحكمة ما
قاله المستشار يحيي الرفاعي في كلمته بختام مؤتمر العدالة الاول الذي قال
فيها لقد تعهد قضاة مصر بأن يحملوا الامانة وأن يرفعوا راية الحقيقة وأن
يمضوا في طريقهم غير مبالين بما يحيط بهم، فتلك مهمتهم وهم في اداء رسالتهم
لا يلتمسون الا الحقيقة وفي احكامهم لا يقولون الا كلمة الحق لا تضعفهم
رغبة في سبيل الحق، ووجه الخطاب إلى هيئة المحكمة بقوله فامضوا ايها
العظماء في طريقكم فالدنيا بأثرها تترقب كلمة العدل في حكمكم.
وخاطب
مبارك بقوله: '' يا نسر الجو الجريح يا قائد نسور مصر الابطال يامن حملت
روحك على كفيك وقاتلت من اجل مصر وواجهت الموت فنجاك الله لتواصل مسيرة
السلم، لا تحزن وانت تفاجئ بغدر من غدر بك وانت تسمع بنيك واخوتك وقد قلبوا
لك ظهر المذلة وانقضوا عليك وانت اعزل، لا تحزن وكن جلدا كعادتك فانت لست
بافضل من رسول الله عندما وجد عنتا من أهل مكة ومكث في الطائف واكتشف ان
اهلها ليسوا بافضل من اهل مكة''، وتلا دعاء رسول الله عندما خرج من الطائف
''اللهم اني اشكو اليك قلة حيلتي وضعف قوتي وهواني على الناس'' .
وحث
مبارك على الامتثال وطالبه بترديد هذا الدعاء الكريم، وقال الديب لمبارك
''ان حكموا لك بالبراءة فهذا حكم الله، وان حكموا عليه بالعقوبة فلا تبتئس
فتلك ارادة الله''.
وعقب انتهاء الديب من مرافعته ثار عدد من
المحامين المدعين بالحق المدني ضد ما ورد في مرافعته وهتفوا بسقوط مبارك
فيما صفق له المحامون عن المتهمين وأجل رئيس المحكمة المستشار احمد رفعت
انعقاد الجلسات الى جلسة غدا بحيث يبدأ الدفاع عن وزير الداخلية الاسبق
حبيب العادلي مرافعته.