"نطق
الشهادة يوميا قبل النوم" هذا هو حال أهالى منطقة الدويقة استعدادا للمشهد
الذى ينذر بحدوث كارثة خطيرة للمرة الثانية ،وهو سقوط صخرة "الشهبة" خلف
الخزان بمنطقة الدويقة، والتى سوف يروح ضحيتها المئات من الأسر الكائنة فى
العشش المحيطة بالصخرة، ومن المنتظر أن يتصدر المشهد صفحات الجرائد فى
الفترة المقبلة إذا لم تتدخل محافظة القاهرة لإنقاذ أرواح المواطنين.
"كثيرا
ما يكون الموت أسهل من انتظاره "شعور يخيم على قاطنى الدويقة، لا يفرق بين
الشيوخ والأطفال، فالكل ينتظر نفس المصير فى رحلة تقذف دوما بأهلها تحت
الأنقاض، لا يجبرهم على البقاء بها سوى الفقر والبطالة، ليصبح حلم الحصول
على وحدة سكنية آمنة وهما يجنى ثماره سماسرة الموت الذين اتخذوا من هذه
المناطق مقرا دائما للتجارة بالوحدات السكنية تحت شعار "المحسوبية".
"اليوم
السابع" انتقل فى جولة ميدانية إلى منطقة الدويقة متسلقا الجبال ليكشف آخر
حلقات مسلسل انهيار الصخور، حيث توجد صخرة "الشهبة" خلف الخزان وتنذر
بتكرار سيناريو الموت عندما سقطت صخرة الدويقة منذ 3 أعوام فى حادث مأساوى
أسفر عن عشرات الضحايا.
لم يعتمد "اليوم السابع" على معاينة الصخرة
ولا قصص الأهالى الأغرب من الخيال، بل أصر على توثيق ما كشفه حول مدى
انهيار الصخرة من واقع تقرير اللجنة العلمية التى شكلها الدكتور عبد القوى
خليفة محافظ القاهرة، ويتضمن حصر المناطق الأكثر خطورة فى القاهرة والتى
وصلت إلى 16 مهددة بالانهيار فى الفترة المقبلة جاء على رأسها صخرة
"الشهبة"، وشمال وجنوب هضبة الحرفيين التى تم إزالة 70 % منها ويتبقى 30%،
ومنطقة الدمرانى والخزان التى تقع على طريق الأوتوستراد، ومحجر فوزى عليوة،
ومناطق الزرايب الملاصقة لجبل المقطم، ومنطقة المعدسة.
"بانطق
الشهادة يوميا قبل النوم" هكذا قالت الحاجة رقية صميدة التى تتخطى العقد
الثامن من عمرها، تعبيرا عن قلقها من انهيار صخرة "الشهبة"، وتضيف أنها
تشعر بهزات السرير يوميا التى وصفتها بـ "الزلازل" أثناء نومها، وتمنيت أن
تعود لها الصحة والعافية لتشارك فى أحداث ثورة يناير "مرددة أنا لو فيه صحة
هشارك يوم 25"، مشيرة إلى أنها طالبت أبناءها وأحفادها بالمشاركة بالنزول
إلى ميدان التحرير.
وطالبت أم جنات بـ"حمام أفرنجى" لكبر سنها
المرتبط بآلام القدمين التى تعيقها عن قضاء حاجتها وسردت فى صوت مخنوق أنها
تعيش مع أطفالها حياة غير آدمية، خاصة بعد انهيار أجزاء من المنزل فى
ساعات متأخرة من الليل، الأمر الذى أدى إلى ذعر أطفالها ورفضهم المبيت فيه
تحسبا لانهياره، وتطالب الأم التى تقضى ساعات الليل ساهرة مع أطفالها خوفا
عليهم من العقارب والثعابين التى يزيد عددها على سكان المنطقة، بسرعة تدخل
المسئولين لانتشال أطفالها قبل فوات الأوان.
وأكدت أم يوسف، إحدى
قاطنى الدويقة، أن حالة من الذعر تنتاب الأهالى فى ساعات متأخرة من الليل
بسبب تكرار حدوث هزات أرضية وصفتها بالزلازل والتى من المؤكد تؤثر فى
انهيار الصخرة، خاصة لعدم ثباتها ووجودها على جبال رملية سهلة الانحدار،
مشيرة إلى أنها تقضى ساعات الليل بالشوارع، لحراسة الأهالى وتنبيههم فى
حالة الخطر، وبعد استيقاظ أبناء المنطقة تذهب إلى فراشها المكون من قطع
خشبية على أن يقوم أشخاص آخرون بدورها.