كشف
تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائى الصادر اليوم الاثنين، أن مصر جاءت
فى مقدمة الدول العربية التى يرتفع بها الفقر البشرى، محتلة المركز الثانى
على مستوى 22 دولة فى مؤشر التنمية البشرية الذى تعده الأمم المتحدة ويقيس
مدى الحرمان الذى يعانى منه المواطنين فى الصحة والتعليم ومستوى المعيشة،
وقد اعتبرت الأمم المتحدة أن الفقر الذى يعانى منه المصريون أكبر مما يمكن
أن يتوقعه أحد، بالنظر إلى نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى بالبلاد.
وأشار
التقرير الذى جاء بعنوان "تحديات التنمية فى الدول العربية 2011.. نحو دول
تنموية فى المنطقة العربية) وأعده بالتعاون مع منظمة العمل الدولية،
ومنظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) وعدد من الخبراء الدوليين إلى أن
مصر تعتبر من أكبر الدول التى بها فوارق هائلة بين مختلف محافظاتها، سواء
من حيث الدخل أو مؤشرات التنمية التى يتمتع بها الإنسان، والأسوأ من ذلك أن
هذا الأمر لم يتحسن بمرور الوقت، فالمال والتنمية متركزان فى المحافظات
الحضرية الكبرى، وبشكل خاص القاهرة والإسكندرية، وفى المقابل يعانى سكان
الصعيد من حرمان كبير، فهناك خلل فى التنمية الاقتصادية بمصر، وهو ما جعل
مساهمة الزراعة فى الناتج المحلى الإجمالى تنخفض بمعدل سريع خلال السنوات
الماضية، فى الوقت الذى لا يرتفع فيه عدد المنضمين لهذا القطاع، وبالتالى
فإن متوسط دخل الفرد تراجع بشدة فى المناطق الريفية، مقارنة بالمناطق
الحضرية.
وأوضح التقرير أنه لم يساهم نظام الدعم الذى تتبناه مصر فى
تحسين أحوال فقرائها، فالأكثر ثراء يستفيدون من هذا الدعم، خصوصا الموجه
للوقود، لافتا أن الاستبعاد الاجتماعى المنتشر فى مصر ينعكس على مستوى
الخدمات العامة التى يتلقاها مواطنوها من تعليم وصحة وحماية اجتماعية،
ولذلك أوصت الأمم المتحدة المسئولين فى مصر بعدم الاعتماد على متوسطات
الأرقام بها، لأنها لا تعبر عن حقيقة الوضع، والانتباه إلى الفوارق الكبيرة
بين محافظاتها.
وأضاف التقرير أن هذا الاستبعاد الاجتماعى يرجع إلى
الاستبعاد الاقتصاد السائد فى مصر، والذى يرجع إلى عدة عوامل، منها عدم
القدرة على توفير وظائف لائقة، وانضمام المشروعات الصغيرة إلى منظومة
الإنتاج، ولكن العامل الأساسى يرجع إلى عوامل سياسية تتمثل فى استئثار رجال
الأعمال الذين كانوا مقربين من النظام الحاكم بالمنافع الاقتصادية، وهو ما
أدى إلى أن الزيادة فى نمو الناتج المحلى الإجمالى كان يصاحبها انخفاض فى
الدخل الحقيقى لعدد كبير من المواطنين.
وأكد التقرير أنه على الرغم
من أن مؤشرات التنمية البشرية أقل فى تونس من مصر، فإن الفرق بين مستوى
الفقر الذى تعانى منه، وما هو متوقع بالنظر إلى الناتج المحلى الإجمالى لها
أقل فقد بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى فى مصر فى عام 1997،
كان يجب أن تكون مصر عند النقطة 33 على مؤشر التنمية البشرية، إلا أنها
كانت أقل بعشر درجات، وهو الوضع الذى ازداد سوء فى 2007، حيث كانت لابد أن
تكون عند النقطة 23.5، إلا أن مؤشرات التنمية البشرية انخفضت عندها إلى
15.8 نقطة، فكلما تراجع عدد النقط التى حققتها الدولة على المؤشر، كلما عكس
ذلك مدى الحرمان والفقر الذى يعانى منه مواطنيها، ورغم أن تونس كانت لابد
أن تسجل 23.6 نقطة على المؤشر فى 1997، فإنها سجلت 15.9نقطة، ولكنها تمكنت
من تحسين وضعها نسبيا فى 2007، ليكون الفرق بين ما هو محقق وما هو متوقع 3
نقاط فقط، وهو ما يعنى أن تونس استطاعت أن تخفض الفقر البشرى بنسبة أكبر
وأسرع من مصر، بحسب بيانات الأمم المتحدة.